إن مرحلة الندم هي أكثر ما يحاصر الإنسان عند بلوغه سن الستين عاما، فيستذكر الكثير من القرارات، ولا ينفك عن ترديد ما أعجبه وما له أثر من العبارات، ولا ينسى مواقف الرجال في الأحزان والأفراح والملمات، فيجعلهم كنوزا من الخبرات، ومكمناً للحكمة والحنكة، فيتجاوز بعضهم مرحلة الندم، والتأخير لبعض القرارات المهمة.
وهذا ما يود كبار القدر والقيمة تجاوزه عن طريق التعايش مع البيئة المحيطة التي تحيطهم في الغالب بالتجاهل والانشغال عنهم، مما يدخلهم في وحدة مؤلمة عندما تختلف الاهتمامات ويتلاشى العطاء والصبر وخصال القوة والعصامية.
كبير السن لا يأمل من المجتمع نظرات التعاطف وإشعاره بالعجز فلا يصل لهمتهم في هذا الزمان كثير من الأبناء والبنات، فهو قوي، هو منتج، هو خبير، هو حكيم.
لقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التاريخية قبل 75 عاما، وقد ساهم ممثلون من جميع أنحاء العالم من قانونيين ومثقفين ولغويين، في كتابة هذا الإعلان الذي يعد أول وثيقة توضح حقوق الإنسان الأساسية، والاهتمام بمستقبل مشرق لكبار السن يفي بالوعد، اليوم العالمي لكبار السن الـ 33 الموافق 1 من أكتوبر من كل عام، يحمل هذا العام شعار (الوفاء بوعود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الخاصة بكبار السن عبر الأجيال) فتتعالى الأصوات لدعم كبار السن والتوعية للمجتمع بآلية التعامل معهم. وقد أوفت الحكومة الرشيدة بالوعود قبل اختيار هذا الشعار بخطوات إجرائية بعد أن صدر المرسوم الملكي رقم (م/47) بتاريخ 3 / 6 / 1443 هـ بموافقة مولاي خادم الحرمين الشريفين على (نظام حقوق كبير السن ورعايته) والذي من خلاله تتكامل جهود جميع القطاعات لحفظ حقوق كبير السن الشرعية والنظامية وتوفير الاحتياجات النفسية والاجتماعية والصحية والترويحية المختلفة تحقيقا لجودة الحياة لكبار السن الذي سعت إليه الرؤية المسددة بقيادة ولي العهد المؤزر بأن يكون لكبار السن منزلتهم العالية ومكانتهم التي يستحقونها والاستفادة من خبراتهم وحكمتهم والدفع بالمجتمع للعناية بهم كواجب ديني ووطني.
ومن هنا انطلقت الجمعيات المتخصصة في التسابق لتقديم المبادرات والنزل الترفيهية ومحاضن الرعاية النفسية والصحية والرياضية، وتأهيل كبير السن ومن يعوله حتى جاءت موافقة جامعة الملك سعود ممثلة بعمادة الكراسي البحثية على إنشاء كرسي بحثي يجري من خلاله دراسات بحثية عالية الجودة لاستكشاف الأبعاد المختلفة لرعاية المسنين من صحة بدنية ورفاهية عقلية وأنظمة الدعم الاجتماعي، ويسهم كذلك في نشر نتائج الأبحاث لأفضل الممارسات في
رعاية المسنين، وسيعمل الكرسي على تعزيز الابتكار في تطوير وتطبيق التكنولوجيا لتلبية الاحتياجات الفريدة كالأجهزة المساعدة وأنظمة المراقبة عن بعد والحلول الصحية الرقمية، كما لا يهمل الكرسي البحثي تقديم برامج تعليمية وورش عمل ودورات تدريبية لمقدمي الرعاية وتزويدهم بالمهارات والمعرفة اللازمة وذلك بالتعاون مع جمعية كبار السن الأهلية بالرياض، والتي جعلت المشاركة في إنفاذ قرارات نظام حماية كبار السن، وإنفاذ رؤية المملكة العربية السعودية 2030 من أهم مستهدفاتها في برامجها وأنشطتها، مما انعكس على أداء الجمعية وإبعاد الرتابة والحرص على الابتكار بما يساعد تحقيق المستهدفات.
ختاما.. إن كلمة إيجابية أو خدمة بسيطة للمسن سيردها لك دعوات تنير لك الدرب وقد تكون طريق سعادة لك ولعائلتك.
من جريدة الرياض، الرابط: https://www.alriyadh.com/2036260
طوّر بإبداع ❤ من
0112333443
طريق الملك فهد - حي الملك فهد, الرياض 13524